بالفيديو شاهد مقطع عن عظمة فن العمارة في عصر النهضة
العمارة في عصر النهضة
عندما تبلورت اتجاهات عصر النهضة الفكرية، وما صاحبها من تغييرات في النظام الاجتماعي، تحول فن العمارة في خطوات طبيعية نحو الفن الكلاسيكي، وبديهي أن فناني عصر النهضة لم ينقلوا العمارة الرومانية كما هي، بل أخذوا بعض عناصرها كالأعمدة الدورية والأيونية والكورنثية، وزاد اهتمامهم بالتنظيم الذي يقوم على التماثيل واستعمال القباب بدلاً من الأبراج العالية المدببة، كما جعلت فتحات الأبواب والنوافذ نصف دائرية أو أفقية وتحليتها بزخارف كثيرة بارزة. وقل استعمال الزجاج الملون وكثر استعمال التصوير على الجص اللين. وكانت التماثيل المستعملة في المباني من الحجم الطبيعي.
ويعتبر "فيليبو برونيليسك أعظم المعماريين الذين وضعوا ركائز العمارة في عصر النهضة. وكان قد حصل على المركز الأوّل في المسابقة الخاصة بتصميم قبة "سانت ماريا ديل فيوري" (1420)، التي انشئت على قاعدة مثمنة، كقبة شاهقة بتصميم مستحدث. وكانت قبة ضخمة يبلغ قطر قاعدتها 42 متراً وترتفع حوالي 54 متراً، اكتسبت أهمية عظيمة في الفترات التالية لعصر النهضة.
وهي نموذج لكل التطورات المستقبلية في العمارة الأوروبية، فقد أقام "برونيليسكي" ثمانية ضلوع يصل ارتفاع كل منها 30 متراً، وجعلها تلتقي عند قاعدة صف النوافذ، وبعد أن عزز البناء بدعامات ومشابك جديدة، استخدم الطوب والحجر في بناء القشرتين الداخلية والخارجية، فإخفاء العناصر الوظيفية والاهتمام بالمظهر الخارجي بطرازه الكلاسيكي الرصين الوقور، هو الذي جعل العمل بحق ينتمي إلى عصر النهضة.أما مدينة روما فكانت مركزاً هاماً للعمارة في عصر النهضة، حيث كانت النماذج الرومانية كثيرة يقتبس منها الفنانون ويستعملونها في مبانيهم، وقد كثر استعمال الأعمدة الرومانية والأكتاف التي كانت في الغالب تُسْتَعمل في الواجهة لأكثر من طابق لإعطاء المبنى الفخامة والعظمة.وقد ظهرت قمة الكلاسيكية في الأسلوب المعماري الضخم الذي اشتهر به "برامانتي" Bramanate (1514-1444) في القرن السادس عشر، أما المبنى الذي أقامه في روما، والمعروف بمصلى "المعبد الصغير" (1520م) فقد استخدم فيه طراز الأعمدة الدورية. ولما كانت مدينة البندقية تتميز بعمائرها التي تطل على القنوات المائية، لذا ظهرت الشرف في مثل هذه العمائر بكثرة، بحيث بدت في منطقة الوسط.
ومن هذا الطراز قصر "فيندرامين" في البندقية، وهو من أقدم قصور عصر النهضة التي ترجع إلى القرن الخامس عشر، وفيه النوافذ التي تتجمع في المنطقة المتوسطة من البناء، تشتمل كل نافذة منها على فتحتين يعلوهما شكل دائرة".وعندما أسرف المهندسون في استعمال الزخارف التي تحلي البناء ووصل هذا الإفراط إلى غايته في القرن السابع عشر سمى هذا الاتجاه بطراز "الباروك"، وهو يتصف بالتكلف في الزخارف والالتجاء إلى كثرة المنحنيات في الخطوط واستعمال العناصر التي على شكل باقات الزهور والأكاليل والأشكال الآدمية.
وما تزال روما تحتفظ بشوامخ من الفن الباروكي تنتشر في أرجائها حتى لتكاد تشكل بمجموعها مدينة متميزة داخل روما، وبات من الشائع أن يُطلق الناس عليها اسم "روما الباروكية" إشارة لتلك الآثار الجليلة البالغة الروعة والرقة الآسرة التي تمس قلوبنا ببقائها تؤدي دورها الذي أنشئت من أجله أو دوراً مماثلاً حتى يومنا هذا.