يوم الجمعة هو اليوم الذي كمل فيه الخلق، فالله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ابتداء من يوم الأحد وانتهاء بيوم الجمعة، وفي يوم الجمعة خلق آدم وأدخل الجنة وأخرج منها، وفيه يطوَى العالم، وينتهي أمد الدنيا، فتخرب وتزول، وتقوم الساعة، وفيه يُبعَث الناس إلى منازلهم من جنة أو نار، وفيه تفزع الخلائق كلها إلا الإنس والجن، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله : ((خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة)) إلى أن قال: ((وما من دابة إلا وهي مُصيخة يوم الجمعة، من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقًا من الساعة، إلا الجن والإنس)).
ومن فضائل هذا اليوم أن فيه ساعة الإجابة، وهي الساعة التي لا يسأل الله عبد مسلم فيها شيئًا إلا أعطاه، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يُصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إيَّاه))، وقال بيده يُقللَّها، وجاء في رواية مسلم أن وقتها بعد العصر قبل المغرب.
ومما ورد في فضل الجمعة كذلك بسند صحيح قول النبي : ((أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة)).
وكما ورد في فضلها ما جاء بسند صحيح أن النبي قال: ((من مات في يوم الجمعة أو ليلته وقاه الله فتنة القبر)) وهذا من علامة حسن الخاتمة للمسلم الموحد.
وكان من هديه تعظيم هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات، ومما أرشد إليه ، استحباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فعن أبي سعيد الخدري أن النبي قال: ((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له النور ما بين الجمعتين))، وفي رواية له: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلي عَنان السماء يضيء به يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين)).
كما أوصى بكثرة الصلاة عليه في يوم الجمعة وفي ليلته، قال في حديث أنس: ((أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة وليلة الجمعة))، وعن أوس بن أوس الثقفي رضى الله عنه قال: قال رسول الله : ((من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ))، قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرِمْتَ؟! فقال: ((إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "رسول الله سيد الأنام، ويوم الجمعة سيد الأيام؛ فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره، مع حكمة أخرى وهي أنّ كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده، فجمع الله لأمته بين خيري الدنيا والآخرة، فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة، فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا، ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يردّ سائلهم، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده ، فمِن شُكره وحَمده وأداء قليل من حقه أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته، وقد قال الله عز وجل: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا
تعليق واحد